النحافة والبدانة وعلاقتهما بالسعرات الحرارية في غذائنا
لكل فرد حاجته المختلفة عن الآخر من السعرات الحرارية
الدكتور الصيدلاني صبحي العيد *
آفاق علمية - لا بد لكل كائن حي من أن يتحرك ، وعندما يتحرك هذا الكائن الحي لا بد له من أن يستهلك طاقة ، فالسيارة مثلا عندما تسير يلزمها وقود (طاقة) وهذه الطاقة تأتي من احتراق الجازوين ، ودون ذلك فلا طاقة تبذل ولا شغل يكون ووقود الجسم هو الجلوكوز الناتج النهائي للتمثيل الغذائي للأطعمة بمختلف أنواعها وهذه الطاقة تستهلك للحفاظ على حياة الإنسان والقيام بمختلف الأنشطة اليومية ، حتى ونحن بفراشنا لا تتوقف حاجتنا لهذه الطاقة ولكن بكميات أقل لاستهلاكها للقيام بوظائف الجسم الحيوية.
كثيرا ما نقرأ أو نسمع كلمة سعر حراري أو كالورى في حياتنا اليومية وقد يتبادر لأذهان الكثير منا ماذا تعني هذه الكلمات ؟ والتي أصبحت مترافقة هذه الأيام مع هوس الحمية والرشاقة ومحاربة السمنة .
فالسعر الحراري أو الكالوري مقياس ، تقاس به الطاقة ويعرف على أنه الحرارة اللازمة لتسخين 1غم من الماء درجة سلسيوس واحدة وعلى ذلك فالطاقة التي يخزنها الجسم ويستخدمها للقيام بالنشاطات تقاس بوحدة السعرة الحرارية ترى كم يلزمنا من هذه السعرات الحرارية يوميا ؟ وهل يلزمنا جميعا نفس المقدار من السعرات الحرارية ؟
إن الجواب المنطقي هو إن لكل فرد حاجته المختلفة عن الآخر من السعرات الحرارية من حيث الوزن والطول والعمر والجنس بل ويختلف أيضا المقدار بالنسبة للجهد المبذول لأي عمل يقوم به الإنسان ، فكلما زاد الجهد المبذول كلما زادت الحاجة لهذه الطاقة ، ولحساب حاجة الفرد اليومية من السعرات الحرارية نستخدم هذه المعادلة :
الوزن (كغم) x 25 ( +5 أو +10 ) حسب نشاط الإنسان ووزنه فمثلا شخص وزنه 70 كغم معتدل النشاط يحتاج إلى حوالي 1750 سعر حراري وعند قيامه بمجهود كبير مثلا قد يحتاج لحوالي ( 70x 30 ) 2100 سعر حراري وهكذا ،أما النظرية الثانية يحتاج الجسم في الساعة الواحدة وفي حالة الراحة إلى كالوري واحد لكل كيلو غرام من وزن مثال ذلك جسم وزنه 75 كغم يحتاج يوميا وفي حالة الراحة إلى 25*24 ليعطينا 1800 كالوري يوميا وتوزع هذه السعرات الحرارية يوميا على الشكل التالي :
30% فطور
40% غداء
30% عشاء
وتأتينا هذه السعرات من 3 مصادر غذائية هي الكربوهيدرات (السكريات) والبروتينات والدهون والناتج النهائي لتمثيل هذه الأغذية يحرق لتنتج طاقة تسير مع الدم لتخزن في أماكن معينة في الجسم لاستخدامها عند الحاجة وللعلم فإن :
1غم كربوهيدرات يعطي 4 سعرات حرارية
1غم بروتينات يعطي 4 سعرات حرارية
1غم دهون يعطي 9 سعرات حرارية
1غم من الكحول يعطي 7 سعرات حرارية إلا أنها سعرات حرارية كاذبة تعطي طاقة فورية دون أن تمد الجسم بأي فائدة غذائية .
لكن قد تكون هذه الأرقام مضللة في الغالب لأن جسم الإنسان يميل لخزن الطاقة الصادرة عن الدهون حوالي 97% أكثر من ميله لخزن الطاقة الناتجة من البروتينات حوالي 75% ودائما هناك اختلاف في اختيار هذه المصادر من قبل الأفراد فقد تتمتع أجساد البعض بحرق الدهون أكثر من غيرها في حين تميل أجساد أخرى لحرق السكريات أكثر والحقيقة المتعارف عليها هي أن الجسم ينظم عملية حفظ السكر أفضل من عملية حرق الدهون .
يخزن الفائض من السعرات الحرارية في الكبد على هيئة جلايكوجين (نشا حيواني) والفائض عن ذلك يخزن بالعضلات لحين الحاجة له أما ما زاد عن ذلك فيخزن بالأنسجة الدهنية على هيئة شحوم ومن هنا يأتي ضرر زيادة هذه السعرات الحرارية ، فقد أثبتت الدراسات العلمية الحديثة إن استهلاك سعرات حرارية أقل والحفاظ على وزن مثالي وممارسة الرياضة يطيل العمر ويبعد شبح الشيخوخة المبكر ويجدد الحيوية والشباب وقد يمنع حدوث أو تطور بعض الأمراض ارتفاع ضغط الدم والكوليسترول ، وإن انعدام الحركة وقلة النشاط والزيادة في معدل السعرات الحرارية وعدم ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة يشل الجسم والعقل معا ومع مرور الزمن يخمل الجسم ويترهل وقد يؤدي إلى 1- زيادة الوزن (في الأغلب) ومن المعروف أن البدانة تعبد الطريق لأمراض خطيرة قد تكون قاتلة أحيانا مثل ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والشرايين والكوليسترول والسكري والتي تسمى أمراض المجتمعات الغنية لعلاقتها بالغذاء الغني بالدهون والسعرات الحرارية العالية والفقير بالخضار والفاكهة والألياف الغذائية ، فالبدانة ترتبط بنوعية وكمية الطعام والشراب أيضا فقد يقول لي البعض أنا لا آكل أي شيء من الصباح حتى المساء وعند استعراض ما تم تناوله خلال اليوم نرى لتر مشروبات غازية ، لتر عصير فواكه ، 4 كاسات شاي ، 5 فناجين قهوة أو نسكافيه وعند حساب كمية السعرات الحرارية في هذه الأشربة والتي قد تصل لأكثر من 1500 سعر حراري والتي تساوي تقريبا حاجته اليومية الكاملة من السعرات الحرارية هذا ولم يأكل شيء بعد !!!
كذلك الحال عند الإكثار من تناول الحلويات العربية والافرنجية والوجبات السريعة فهذه الأطعمة تحتوي على سعرات حرارية هائلة ومغشوشة لأن ما تزودنا به من سعرات لا تتناسب مع فائدتها الغذائية المرجوة منها حيث أنها ذات هرم غذائي مقلوب يبدأ بالدهون وينتهي بالكربوهيدرات ويفتقر للخضار والفاكهة والألياف الغذائية وما لذتها إلا لما تحتويه من دهون وكما يقال بالمثل الشعبي بدك تزكيه زيد دهنه ، وللعلم لا تحتوي الفيتامينات ولا المعادن ولا الماء على أي سعرات حرارية .
الوجبات السريعة تزيد من إمكانية الإصابة بسرطان القولون والشرج والثدي والجهاز التناسلي للمرأة ، كما تضعف العضلات وتيبس المفاصل حيث تصبح محدودة الحركة ، وقد تؤدي الى هشاشة في العظام وآلام العمود الفقري .
لذا لا بد لكل من يهمه ثقافة الغذاء والسعرات الحرارية والسمنة من أن يلم ولو ببعض المعلومات عن محتوى بعض المواد الغذائية والمشروبات من السعرات الحرارية والتي قد يستهلكها يوميا لمحاولة عمل توازن بين كمية السعرات الحرارية الداخلة لجسمه والخارجة منه حيث أن تراكم الشحوم والكيلوغرامات الزائدة هي محصلة فائض السعرات الحرارية بعد استهلاك ما هو ضروري للأنشطة اليومية .
تسهم التمرينات الرياضية إسهاما كبيرا في رفع اللياقة البدنية والمساعدة في الحفاظ على الصحة الجيدة والقوام الرشيق وتساعد في حرق السعرات الحرارية الزائدة والتي يكتسبها الإنسان من خلال تناوله للطعام فقد لا تتخيل أن كل 8000 سعر حراري تكتسبه من طعامك يزيدك كيلوغرام واحد كذلك الحال فإن كل 8000 سعر حراري تحرقه ينقص من وزنك حوالي كيلوغرام واحد ، فما أسهل أن تكتسب هذه السعرات وما أصعب فقدانها ؟!
والطريقة الأسهل والأرخص لفقد السعرات الحرارية الزائدة هي رياضة المشي السريع ولو بمعدل نصف ساعة يوميا أو ساعة يوم بعد يوم ، فدقيقة الرياضة تفقدك حوالي 10 سعرات حرارية أي بمعدل 600 سعر في الساعة وبمعادلة بسيطة أنت بحاجة لممارسة هذا النوع من الرياضة حوالي 12 ساعة متواصلة لكي تستطيع أن تفقد من وزنك حوالي كغم واحد ، فما رأيك دام فضلك لو نبدأ اليوم بممارسة الرياضة التي تناسبتا .