بعد تكرار انقطاع الإنترنت بشكل شبه كامل عن مصر مرتين في أقل من عام آخرها يوم الجمعة 20ديسمبر الماضي بدأت الكثير من الأسئلة تتداول بين المهتمين حول ما إذا كانت هناك أسباب "غير معلنة" لقطع التيارات المغذية لمصر بالإنترنت ومعها عدد من الدول العربية والأجنبية في المنطقة، وعما إذا كان يمكن للسلطات أن توفر أمناً وحماية أفضل لكابلات الإنترنت، خاصة أن الشبكة العنكبوتية لم تعد وسيلة للتسلية والترفيه والدردشة، وإنما بشكل أو بآخر تمثل "أمن قومي" لما يتم عبرها من استخدامات تجارية ومعاملات بنكية ومراسلات أخرى تستخدمها الجهات السيادية.
وصرح الدكتور "طارق كامل" وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بأن الشركة المصرية للاتصالات بدأت في إنشاء ثلاثة كابلات بحرية بتكلفة تتراوح بين 150-180 مليون دولار لربط مصر بدول أوروبا وآسيا والسعودية لتأمين خدمات الإنترنت وتفادي انقطاعها.
وأكد وزير الاتصالات خلال حواره في برنامج "وجهة نظر" بالتليفزيون المصري مساء الأحد الماضي أن الكابل الأول سينتهي العمل منه في منتصف عام 2009 والثاني بنهايته والكابل الثالث في عام 2010.
مضيفاً أن خدمات الانترنت ستعود بكامل طاقتها خلال أسبوع، مطالبا مستخدمي الإنترنت في مصر بالإقلال من تحميل الأفلام والأغاني خلال الأسبوع الحالي لحين الانتهاء من أعمال التصليح، وهو في انتظار التحقيقات من الجانب الإيطالي حول أسباب انقطاع الكابلات؛ مؤكداً أنه لم يثبت حتى الآن حدوث قطع متعمد سواء من خلال القرصنة أو بدافع المنافسة من الشركات.
حديث الوزير لم يلق قبولاً لدى الخبراء البحريين الذين أكدوا وجود تعمد لقطع الكابلات، حيث يرى المهندس "دسوقي بخيت" الخبير البحري أن ما تم أمر مدبر بتخطيط محكم، فهو عمل "دول" وليس عملاً فردياً، فما تم كان بفعل فاعل وليس مجرد صدفة؛ لأن هذه ليست المرة الأولى، ففرضية أن سفينة بحرية وراء ذلك لم تعد مقبولة بسبب البعد الجغرافي بين الكابلين، كما أن المنطقة التي بها القطع محظور دخول السفن فيها، كذلك القول بأن الأسماك الكبيرة أو سمك القرش هو السبب أمر لا يصدقه طفل صغير، كذلك لا يمكن أن يكون للعوامل الجغرافية يد في ذلك فلم تسجل المراكز الفلكية أي تغير مناخي في هذه المنطقة ولا بالقرب منها.
بدوره نفى مصدر مسئول بجهاز تنظيم الاتصالات –طلب عدم ذكر اسمه– أن تكون عودة شبكة الإنترنت بسبب بدء أعمال الإصلاح، كاشفاً النقاب عن شراء الجهاز لساعات إضافية من الولايات المتحدة الأمريكية عبر "كابلات بديلة" حتى تهدأ الجماهير ولا تتهم الوزير بالعجز في إصلاح الكابلات، وذلك بناء على طلب من الشركات مزودة الخدمة حتى لا تضطر لتعويض المشتركين فيها بشهر مجاني كما فعلت في المرة الأولى، وذلك بعد أن قدرت "جمعية مهندسي الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات" حجم خسائر الشركات المزودة بالخدمة بنحو 65 مليون جنيه لو منحت الشهر المجاني للمشتركين فيها.
وما يؤكد ذلك هو بيان شركة "فرانس تليكوم" العالمية الذي جاء فيه أن إعادة ربط أحد الكابلات المقطوعة سيتم يوم الخميس المقبل 25 ديسمبر على أن يعود الوضع لطبيعته يوم 31 ديسمبر.
وكان المهندس "نايل الشافعي" خبير كوابل الألياف الضوئية والمحاضر المصري في معهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا بالولايات المتحدة وصاحب موسوعة المعرفة على الإنترنت، والذي فتح ملف "بيزنس الكابلات البحرية وتراخيصها"، قد بعث برسالة موقعة بخط يده لجريدة "لغة العصر" بعد قطع الكابلين في يناير الماضي، أكد فيها أنه نبه المسئولين المصريين إلى خطورة التعرض لقطع في الكوابل البحرية؛ لأن حروب المعلومات أصبحت تشكل جولة هامة في صراع التسلح بين الدول الكبرى التي تتفاخر بأنها تمتلك غواصات مصنوعة خصيصاً لقطع ولحام كابلات الاتصالات البحرية.
وأضاف الشافعي في رسالته أن أحد أصدقائه من مالكي شركات الكابلات البحرية أخبره بأنه يدفع مبلغ 10 آلاف دولار سنوياً مقابل مد كابل بقناة السويس، في الوقت الذي يدفع فيه 64 ألف دولار شهرياً لمد كابل لبناية واحدة في نيويورك، أي أن مصر تستطيع الحصول على 750 مليون دولار تصل إلى 3 مليارات دولار عام 2015 من استغلال قناة السويس لمد الكابلات البحرية خلالها، وبدون أي استثمارات إضافية من جانب مصر.
من جهتها دعت الدكتورة "زينب عوض الله" رئيس الجمعية القومية لحقوق المستهلك المتضررين من انقطاع الإنترنت إلى رفع دعاوي قضائية تعويضية بقولها: ثقافة الحقوق غائبة عن المصريين تماماً، ولذا فهم لم يفكروا في رفع دعاوى قضائية لتعويضهم عن الضرر المادي الذي لحق بهم جراء توقف الإنترنت.
ويرى "أحمد طه النقر" الأمين العام لجمعية حقوق المواطن أنه يجب إجبار الحكومة المصرية على إعلان السبب الحقيقي للقطع عن طريق رفع دعاوى قضائية للمضارين من انقطاع الإنترنت وهم بالملايين، والقضاء سوف يحدد وقتها التعويض العادل.
