أعتذر .. لكل حرف في أعتذر
ألف .. أعتذار مملٌ ألم بأوصالي وأقحم هواجسي في دروب النوى فأضناني ..
عين .. عانيت من هجر الليالي وسهرها .. فما لمت نفسي ولا عاتبتها بل رميت ثقلي على اعتذارات طويلة الأحوال ..
تاء
.. تجلت أواصر الحنان في أحداقي .. وتعصبت دعابات الشوق في أعماقي ..
وترجلت من زهو المقام أروع كلماتي .. حتى انجلت من زهو عزها إلى ألم
يبخسها .. علّي ألا أجيء كما جئت الآن معتذرا ..
ذال .. ذلة في الحياة أن أحيا بلا قلم .. أو أباغت الطيف بألوان عابثة تؤرق حكايات الصدى كنيرانِ ..
راء .. رؤى عظيمة نأت بلا سدى .. يا ليتها ولّت من قديم عهد إلى ما لا أذكرها ................ ولا تذكرني .!!
أعتذر لقلبي
لأني أتعبته كثيرا في لحظات حبي وجرعته ألما في لحظة حزني ونزعته من قلبي وبدون تردد لأهبه لغيري
..
أعتذر لأوراقي
لأني
كتبت بها وأحرقتها ورسمت الطبيعة عليها وبدون ألوان تركتها وفي لحظة همومي
وأحزاني لجأت إليها وفي لحظة فرحي وراحتي أهملتها وعندما عزمت الاعتكاف عن
الكتابة مزقتها وودعتها إلى الأبد
..
أعتذر للقلم
لأني في معاناتي أتعبته ولأني حملته الألم ولأحزان وهو في بداية عهده وعندما انتهى رميته واستعنت بأخر مثله
..
أعتذر لخواطري
لأني جعلتها تتسم بطابع الحزن والألم حاصرتها فلقد أصبح الكل يبحث عنها وعن معاني غموضها في قواميس لا وجود في هذا الزمن لها
أعتذر للزمن
أعتذر للزمن الذي توارت فيها لحظات البهجة وتوالت فيه شدائد البؤس الرهيب الذي بغى على جثامين القصائد الراسية
أعتذر لقصيدتي البديهية المعنى فقد أسكبتُ على نظمها خطوب الهوى وشحوب النوى ..
أعتذر للصمت
أعتذر عن صمت صمت طليق أبهر الصامتين في تكسره البديع وصمته الخديع .. فللصمت أصبح صمتُ ..
أعتذر للجنون
أعتذر للجنون لأنه لم يعد جنون أمام جنوني ... فعذرا يا جنوني عذرا ..
أعتذر للواقع
لأني
بكل قسوة رفضته وأغمضت عيناي عنه في كل لحظاتي المرة وشكلته بشبح أسود
يتحداني بدون رحمة ونسيت بأنه هو مدرستي التي جعلتني أكون حكيمة في المواقف الصعبة
..
أعتذر للأحلام
لأني أطرق على أبوابها في كل ساعة واجعلها تبحرني في كل مكان أريده..
فهي من حققت كل أمنياتي دون تردد وهي من أتعبتها معي حينما كبرت
وكبرت معي أحلامي ورغم ذلك كله ،لا تتذمر وإنما تقول: اطلبي وأنا على السمع والطاعة
أعتذر للأمل
حينما رحلت عنه وبدون استئذان ولازمت اليأس في محنتي .ومكابرتي
رغم
مرارتي والأمي أقول بأني أسعد إنسانة فلقد كانت سعادتي الوهمية تكويني في
صمتي وتعذبني في ليلي دون إحساس الآخرين بي فعذرا أيها الأمل
أعتذر للسعادة
لأني
عشقت الحزن ،وحملته شطرا من حياتي وعشقت البكاء لأني انفث به عن ألمي
وعشقت قول الآهة لأنها تطفئ حرقة أناملي وعشقت الجراح لأنها أصبحت قطعة
أرقع بها ثغور ثيابي وعشقت الصمت في لحظة الألم لأنها تحفظ لي كبريائي فعذرا أيتها السعادة لأني أبعدتك عن حياتي
..
أعتذر للزهور
لأني
قطفتها وهي في بداية بلوغها وتفتحها وحرمتها من العيش في بستانها ثم
شممتها ولغيري أهديتها وبعدما لفظت أخر أنفاسها رميتها ودستها
أعتذر للعمر
أعتذر للعمر الذي قد تساقط هاوياً ويبست أغصانه مثل شجرة عاثت بجذورها الأشواك ..
أعتذر للمواساة لأنني غرست فيها ابتسامة ........... لكنني قد سلبت منها أروع الضحكاتِ ..
أعتذر لذلك الذي قد أوصى بقلمه بين أناملي كي أكتب الأمل فاقتادني ألمي إلى يأس مرير لا يضايهه زهو الحروف العصية ..
أعتذر لفرشاتي التي جاءت متهلهلة لترم بأحلى ألوان الطيف .. لكنني أقحمتها في ألوان البنفسج الذابل ..
أعتذر لقوانين الحياة
أعتذر لقوانين الحياة فإنها لم تجدِ نفعاً مع ما احدثته من اضطراب في مسارات الحروف ومقاسات الظنون ..
أعتذر للبحر
لأني
عشقته بجنون وطعنته في خواطري بالمليون وأضفت إليه الغدر في هدوئه ووصفته
بأنه جميل وهو في قمة جنونه فلم تكن تلك الطقوس سوى أحاسيس مختلقة وكان
ضحيتها البحر لأني عشقته
..
أعتذر للقاء
لأني كتبت عند الرحيل والوداع ولأني جردته من قاموسي الملتاع ولأني أصبحت خاضعة للقدر فأمنت بالرحيل كثيرا وبكيت لأجله كثيرا وتناسيت كلمة الاجتماع واللقاء
..
أعتذر لأمي
لأنها تألمت عند ولادتي وسهرت على نشأتي ورعايتي فتبكي على بكائي وتسعد عندما تسمع ضحكاتي وتسقم لسقمي وتتعافى بمعافاتي.. وصبرت وتحملت طيشي وإزعاجي وتجاوزت عن أخطائي وتذكرت حسناتي
..
أعـــــــــتذر
للحياة حينما اتهمتها بالقسوة وللطيور والبلابل حينما قلت عنها خرساء
..
وللجبال لأني أنسبه إلي وللدموع حينما جمدتها بالعين ولصندوق الذكريات الذي أخرجته بعد دفنه
..
اعتذارات لا بد منها
أعتذر للموسيقى .. لأني أتعبت أوتارها بألحان الحزن واللوعة التي أضفت معاني البؤس في حروف الموسيقى ونوتاتها ..
أعتذر لأوتار صوتي التي أتعبتها بأنين صامت يخنقها فلم يكن بزائح عنها صادراً .. ولا ذاهب عنها راجعا ..
أعتذر للقسوة لأنني قد قسيت عليها حين نعتها بهذا الإسم فقد بانت قسوتي وطريقة بطشي أبشع منها ..
أعتذر لفراشتي لأنها طارت في أقاليمي فما وجدت بساتين ولا زهور ولا رحيق ولا ترانيم سعادة ولا حواري حسان ..
أعتذر للصدى .. لأنه دوى في أرجاء قصوري طالما ... لكن الصدى مع الصمت محرم ..
أعتذر للندامة .. فما لي سواها بعد انتهاء المسير .. وهدوء عواصفي .... وانخماد نيراني .. وجلاء عباراتي ..
أعتذر لأني رميت اعتذارات واهية . على صفحة لا ذنب لها ولا دخلِ ..
أعتذر .. للحروف فما كان لحرف أن يسلم من جنوني ..... حتى جنّ قلمي وجنت حروفي ..
أعتذر للاعتذار .. لأنني حاكمته على ذنوب لم يكن بجانيها ...
فيا ليتك تحاكمني ... !!!